Ricerca

risultati

domenica, marzo 23, 2008

محنة قرية


(محنة قرية ) قصة : جوفاني فرجا / ترجمها عن الأيطالية : نهاد عبد الستار رشيد


قصة قصيرة

(( محنة قرية ))
بقلم: جوفاني فرجا
ترجمها عن الأيطالية : نهاد عبد الستار رشيد




" بيان عن ثورة البركان ! السنة اللهب باتجاه نيكولوسي ! " كان الحشد يندفع بسرعة صاخبة من الضواحي ،سيرا على الأقدام ، او على صهوات الخيل ، او في عربات نقل ، او باية طريقة ممكنة . كانت هناك ثمة زوبعة من الغبار الكثيف على امتداد المنحدر ، ووسط خضرة مزارع الكروم ، ترسم خط الطريق المتعرج . كانوا يلتقون عند كل ممر بعربات هابطة من القرية المهددة ، محملة بامتعة بيتية ، ومؤن واخشاب وحتى بمصاريع النوافذ والأبواب ودرابزونات الشرف ، وبكل ما تتطلبه عملية اخلاء قرية توشك على الأندثار . كان مع الأمتعة ، في عربات النقل ، او سيرا على الأقدام ، رجال ونساء متجهمين ، حاملين على اذرعهم اطفالأ هُجّعا ، ذوي وجوه متوهّجة من شدة الحرارة المتقدة واللهاث . من بيوت القرويين داخل المجمّعات السكنية المتناثرة ، على امتداد الطريق ، اطلّ السكان لمراقبة المشهد ، واضعين ايديهم على بطونهم ؛ ثمة عجوز كانت تعلق صورة رائعة على عضادة باب او مدخل بستان للخضر ؛ اولاد الشوارع الأوغاد الذين كانوا يلعبون على الأرض مبتهجون ؛ وعلى الأبواب المشرعة للكنائس الصغيرة ، كان تمثال القديس الشفيع يتلألأ تحت المظلة الصغيرة مثل شبح رهيب بشموعه المطفأة ، وامامه الأزهار الورقية . كان يتم تفريغ جميع حمولات العربات من الألواح الخشبية والمناضد في الساحة الصغيرة عند برج ( الكريفو ) لأقامة اكواخ اللاجئيين. كانت مضخات الأطفاء تتراجع مهرولة الى الوراء ، مصحوبة باهتياج عربات المدفعية ذات العجلتين ؛ وفي الجانب المقابل ، كان البركان يقذف سبائك اللهيب بقوة في الجو ، الى ارتفاع خمس مئة متر ،من وراء حجاب هائل من الرماد البركاني ، مصحوبة بدوي تحت سطح الأرض .
كان هناك ، عند مدخل البلدة الصغيرة ، اعاقة غير اعتيادية من العربات ، والخيول ، والأهالي الذين يتصارخون ، والجنود من حملة البنادق الذين شدّوا الأحزمة على اكتافهم وصدورهم كأنهم طليعة جيش مهزوم . كانوا يسيرون على تربة رملية سوداء ، بين صفين من البيوت غير المنتظمة ، الخالية من الآثاث، والمخلوعة الأبواب والنوافذ . ما يزال الناس ينقلون الأمتعة الشخصية بسرعة وصخب . من شرفة دار جديدة كانوا قد نزلوا فيها ، ارتفع صياحهم – ماأوسعها ! – خزانة الثياب الفخمة . لا تزال عجوز تقوم برعاية عدد من الدجاجات ، تجلس على سلّة في ساحة معزولة باطواق واضلاع البراميل . كان شخص بائس يتطلّع هنا وهناك ، الى المنازل الخالية من الأبواب ، ويدير ظهره الى الغرف الصغيرة الخالية ، وينتظر باكتئاب من دون امل ، في صمت مطبق ، كما لو كان مشرفا على الموت في ردهة الوفيات . انتظمت ، على رصيف النادي الريفي ، بعض السيدات على صفين من الكراسي ، وقد حضرن لرؤية المشهد . استعانت السيدات بمراوح يدوية ، لأبعاد دخان سجائر الرجال ، وهناك ثمة حاوية ( آيس كريم ) ، كانت تطوف هنا وهناك ، بماء بارد منعش ، وظُلّة القربان المقدس ، برماحها داخل الحزمة ، متكئة على الجدار ، وباب الكنيسة المقابلة مفتوح على مصراعيه ، عدا تألق حزين للقديسين المطليين بالذهب في نهاية المذبح . هناك فوق برج الأجراس ، فوق الصخب ، فوق الضجيج ، فوق اصوات البركان المدوية ، كان الجرس يقرع للمواكب ، دون ان يتوقف لحظة واحدة .
الى الشمال باتجاه الجبل البركاني ( اتنا ) ، كان الطريق العام يمتد وسط صفين من شجيرات الرتم ، وقد احتشد بفضوليين لغرض المشاهدة ، كانوا يضحكون ويثيرون الضجيج ، وينادي بعضهم البعض الآخر من بعيد ، وبالصيحات المكبوتة للسيدات المترنحات على سروج البغال غير الثابتة ، وبنداءات باعة المشروبات الغازية والجعة والبيض والليمون ، تحت الخيام التي نُصبت بسرعة . كانوا يسمعون اولئك الأكثر بعدا حين يصلون الى اعلى المرتقى الشديد الأنحدار ، فيطلقون صيحة جذلى ، ها هو ذا ! ها هو ذا !
في الجهة المقابلة الى اليمين والى اليسار ، على مدى البصر ، كالسد الشامخ على شاطىء اسود شديد الأنحدار ينبعث منه الدخان انتشرت فيه الأخاديد التي تتخللها شقوق متوهجة ، كان تيار الحمم – يحدث منها دمارا مصحوبا بقعقعة حادة لمواد مخاطية من اشجار جوز الهند التي ربما تكون ازهارها قد بدأت تتفتح ، تهتز مرة اخرى لنسيم المساء ؛ ثمة نساء يتشبثن باذرع رفاقهن في السفر، ويرتجفن بابتهاج ؛ تشتت آخرون في حقول الكروم ، على امتداد طريق التيار المنذر بالخطر ، كانوا يقفزون فوق الحواجز الجدارية الواطئة ، ويتخطون الحفر وثبا ، والنساء يمسكن تنانيرهن بايديهن ، وتصدر البراقع والمظلات الشمسية تموّجا لانهائيا ، فيما كان الشفق يحتضر في الغرب ، وكانت البحرية ، مع ذلك ، تتفرق بعيدا ، وكان السيل العارم من الحمم ، في ذلك الوقت ، يتوهج في الأفق المعتم . كان ضجيج الأجراس ، وغماغم مشوشة وكئيبة ، وسرب حشرات مضيئة ، من اليراع المتنقل ، تأتي باستمرار من البلدة الصغيرة الضائعة في الظلام . ثم ظهر من ظُلمة الطريق ، موكب غريب ، من الرجال والنساء ، حفاة ، يضربون على الصدور ، وينشدون ترانيم مقدسة باصوات خافتة ، ونبرة ملحة وحزينة ، لايفهم منها سوى – الرحمة ! الرحمة ! . وكان فوق الحشود السوداء ، التي لا يمكن تمييزها من اولئك التائبين ، بين اربعة مشاعل في جو مفعم بالدخان ،تمثال خشبي للسيد المسيح ، سوّده الدخان ، يبدو صارما ، متجهما ، ومتأرجحا على مناكب الرجال الذين كانت اقدامهم تغوص في الرمال




Nessun commento:

comming soon

>

Blog Archive

Elenco blog personale